Loading...
86
2 months ago

انهو القزم


سُورِيَا أو سُورِيَة[21][22][23] أو (رسمياً: الجُمهُورِيّةُ العَرَبِيّةُ السُّورِيَّةُ كما صار اسمها منذ 1961)،[ا] هي دولة عربية تعد جمهورية مركزية، مؤلفة من 14 محافظة، عاصمتها وأكبر مدنها هي دمشق.[24] تقع ضمن منطقة الشرق الأوسط في غربي آسيا؛ يحدها شمالاً تركيا، وشرقًا العراق، وجنوبًا الأردن، وغربًا فلسطين، ولبنان، والبحر الأبيض المتوسط،[25][26] بمساحة 185180 كم مربع، وتضاريس وغطاء نباتي وحيواني متنوّع، ومناخ متراوح بين متوسطي، وشبه جاف. تصنف سوريا جنبًا إلى جنب مع العراق بوصفها أقدم مواقع مهد الحضارة البشرية،[27] واشتقت اسمها حسب أوفر النظريات الأكاديمية من آشور؛ بكل الأحوال منطقة سوريا التاريخية مختلفة عن الدولة السورية الحديثة من ناحية الامتداد والمساحة، وتشير الأولى إلى بلاد الشام، أو الهلال الخصيب. وجدت آثار بشرية في سوريا تعود لآلاف السنين، ومدينة دمشق تعتبر أقدم مدينة في العالم، وتحوي البلاد العديد من المستوطنات البشرية الممتدة منذ العصر الحجري، ازدهرت البلاد في العصور القديمة لخصوبة تربتها، وبوصفها طريقًا للقوافل التجارية أو الجيوش، وقامت فيها إمبراطوريات متعاقبة قوية اشتملت أغلبها على الهلال الخصيب برمته، وبرزت منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد الحضارة الآرامية التي استمرت هوية البلاد الحضارية الأساسية حتى استعراب غالبيتها مع حلول القرن الحادي عشر بعد الميلاد. في المرحلة الأنتيكية، كانت البلاد جزءًا من الإمبراطورية السلوقية - وبشكل ملحوظ لقّب الملوك السلوقيون أنفسهم ملك سوريا - ثم الإمبراطورية الرومانية فالبيزنطية؛ وخلال القرون الوسطى بعد فتح الشام، كانت البلاد حاضرة الدولة الأموية - أكبر دولة إسلامية في التاريخ من حيث المساحة - وقامت خلال مرحلة الدولة العباسية عدد من الإمارات والدول ذات التأثير، تلى دوالها قيام سوريا العثمانية التي استمرت حتى الحرب العالمية الأولى. بعد الحرب أعلن استقلال سوريا في 8 مارس 1920 من قبل المؤتمر السوري العام، إلا أن فرنسا رفضت الاعتراف بالمؤتمر، وأصدرت في سبتمبر 1920 مراسيم التقسيم، لاحقًا وبشكل تدريجي حتى 1936 أعيد اتحاد خمسة كيانات ضمن الجمهورية السورية، التي نالت استقلالها التام عام 1946، لتنتهي فترة الديمقراطية البرلمانية القصيرة، والتي تخللتها أزمات عديدة، عام 1963 بقيام نظام الحزب الواحد، الاشتراكي. اندلعت عام 2011 الأزمة السورية، التي أدت لدمار واسع في البلاد، ووصفت بكونها أكبر كوارثها في العصر الحديث.

الشعب السوري، من الشعوب النامية، والمتنوع عرقيًا ولغويًا ودينيًا، ويشكل عرب - مستعربي سوريا السنّة الغالبية بنحو 63% من مجموع الشعب؛ وهناك العديد من السمات الثقافية للشعب ككل. أبرز المدن والتي يفوق عدد سكانها مليوني نسمة، حلب، ودمشق؛ يبلغ عدد السكان حاليًا 22.5 مليون نسمة، وتنشط الهجرة منذ القرن التاسع عشر وهناك جاليات ضخمة من السوريين في الخارج. تعتبر سوريا من الدول النامية، ذات اقتصاد ضعيف، ومستوى دخل تحت المتوسط، وفساد واسع الانتشار، كان الاقتصاد اشتراكيًا ولم يبدأ بالإصلاح والتخلي التدريجي عنه بشكل فعلي إلا بعد عام 2000؛ في الأساس يعتمد الاقتصاد على الزراعة، والسياحة، والخدمات، مع ثروات باطنية، بعضها غير مستثمر بعد.

التسمية

المقالة الرئيسة: أسماء سورية

الكتابة الرسمية العُروبية هي سُورِيَة[21][22][23] أو سُورِيَّة[23] وتُكتب أيضًا سُورِيَا حسب قاعدة رسم الأسماء الأعجمية، وكذلك الأسماء الفوق الثلاثية المسبوقة بياء بألف طويلة. دُعيت البلاد باسم سوريا في العهد السلوقي في القرن الثالث قبل الميلاد، وفي الأدب الإغريقي فإن هيرودت وهوميروس سمَّيا البلاد سوريا. وفي الأدبيات العربية القديمة هذا الاسم - سوريا - أول من تناوله أبو محمد الهمداني في بعض مواضع كتابه.[28][29]

التفسيرات المقدمة لمعنى الاسم متعددة أبرزها:

أما ما سمَّى به العرب البلاد فهو الشام، ولا يزال هذا المصطلح يُستخدم للإشارة إلى بلاد الشام كما يستخدم في اللهجات المحكية في سوريا للإشارة إلى مدينة دمشق، وقد تعددت النظريات حول أصل تسمية شام أيضًا أبرزها:

  • أن الشام منسوبة إلى سام بن نوح، كما نسبت لغة البلاد القديمة وهي الآرامية إلى ابنه آرام، مع إبدال حرف السين بالشين وهو أمر مألوف في اللغات السامية.

  • أن الشام في العربية تعني اليسار (الجهة)، فانطلاقًا من الموقع الجغرافي للحجاز سُمِّيت اليمن نسبةً إلى اليمين والشام نسبةً إلى الشَّمال أي اليسار.

التاريخ

المقالة الرئيسة: تاريخ سوريا

التاريخ القديم

المقالات الرئيسة: مملكة ماري ومملكة إبلا وأوغاريت وكنعانيون وفينيقيون وآراميون

أطلال عمريت، الألف الثالث قبل الميلاد.

من خزف أوغاريت، الألف الثالث قبل الميلاد.

الآثار البشرية في المنطقة التي تشكل اليوم سوريا تعود لحوالي 750,000 عام قبل الميلاد، منها أنواع أسترالوبيثكس، ونياندرتال،[31] والإنسان العاقل منذ حوالي 150,000 عام.[32] الاستقرار في الأرض، والعمل في الزراعة يعود لنحو 12,000 عام قبل الميلاد، وتأسيس مستوطنات بشرية عديدة - 700 مستوطنة من العصر الحجري،[33] بعضها لا يزال مستمر حتى اليوم، كمناطق مأهولة مثل دمشق وحلب - يجعل البلاد جنبًا إلى جنب مع العراق أبرز مناطق مهد الحضارة البشرية.[27] التعقيد الحضاري انعكس منذ الألف الثالث قبل الميلاد، بقيام ممالك مزدهرة، مثل يمحاض، ومملكة ماري على نهر الفرات، والتي امتدت حتى حلب، وكلاهما ضمن الحضارة الأمورية،[34][35][36] ومملكة إيبلا مضمن محافظة إدلب الحالية،[37] ومملكة أوغاريت على الساحل،[38] إلى جانب ممالك أقل أهمية مثل مملكة كانا. في أواسط الألف الثالث قبل الميلاد، ظهرت الإمبراطوريات الكبرى في الهلال الخصيب على أساس اللامركزية الإدارية،[39] بدءًا من سرجون الأكادي، وبرزت في سوريا الحضارة الكنعانية بعد سقوط الإمبراطورية الأكادية في القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد،[40] ثم ظهرت في القرن الثامن عشر ثاني موحدي الهلال حمورابي ضمن الإمبراطورية البابلية التي انهارت في القرن السادس عشر. تعرف القرون اللاحقة وحتى القرن الحادي عشر «بالقرون المظلمة»، وتوالى فيها على حكم سوريا إمبراطورية هندوأوروبية منها كاشية، وحثية، أو حتى مصرية قديمة. ومع اضمحلال هذه الإمبراطوريات، برزت الحضارة الآرامية من القرن الحادي عشر قبل الميلاد بشكل المدن - الدول مثل مملكة بخياني، وآرام دمشق وغيرهما.[41] وفي القرن التاسع قبل الميلاد، ظهر ثالث موحدي الهلال الخصيب شلمنصر الثالث في الإمبراطورية الآشورية، وتمكن خليفته نبوخذنصر من المحافظة على وحدة البلاد ضمن الإمبراطورية الكلدان حتى 531 قبل الميلاد حين غدت سوريا وحتى الفتح السلوقي مزربانية فارسية.[42] في جميع تلك المرحل، تطورت أنواع مختلفة من الآداب، والقيم الاجتماعية، والفنون، والتجارة مع آسيا الصغرى، وأرمينيا، ومصر، وفارس، وبحريًا عبر المتوسط؛[43] والعمارة، والعلوم خصوصًا الهندسة والفلك.[44] الحضارة الآرامية بوجه خاص، استمرت ما بعد سقوط الممالك الدول الآرامية، بشكل الهوية الحضارية واللغة الخاصة بسوريا مع تمايز فينيقي في الساحل.إغلاق </ref> مفقود لوسم <ref>

سوريا الأنتيكية

المقالات الرئيسة: سلوقيون وولاية سوريا الرومانية ومملكة تدمر

ما تبقى من الرواق الرئيسي في مدينة أفاميا التي بناها سلوقس الأول.

المدرج الروماني في بصرى عاصمة الولاية العربية الرومانية التي شملت القسم الجنوبي من سوريا، وهي مدرجة على لائحة التراث العالمي.

فتح الإسكندر المقدوني الهلال الخصيب عام 333 قبل الميلاد، وتفككت إمبراطوريته بعد وفاته، فكان الهلال الخصيب من نصيب سلوقس الأول الذي سمّى نفسه «ملك سوريا»، وعلى نهجه سار خلفاؤه؛ متخذين من أنطاكية التي بناها سلوقس مركزًا لحكمهم، وقد ظلّت أنطاكية عاصمة البلاد حتى نقلها إلى دمشق زمن الفتح.[45][46][47][48] ترك السلوقيون، آثارًا عمرانيّة بارزة، وشيدوا 34 مدينة، واعتنوا بالتجارة، كما انتشرت الثقافة الهيلينية في البلاد، لاسيّما في المدن والمراكز التجاريّة. كدّرت تلك الحقبة بسلسلة الحروب السورية التي قامت بين السلوقيين حكام سوريا والبطالمة حكام مصر، والتي انتهت عام 198 قبل الميلاد بضم سوريا الجنوبية إلى المملكة مبعدًا النفوذ المصري عنها؛ وكان قبلاً قد وسّع من أملاكه شرقًا حتى حدود أفغانستان.[49] في القرن الأول قبل الميلاد، ضعف السلوقيون وتفككت أوصال دولتهم، وتمكّن ديكران ملك أرمينيا من احتلال أجزاء من البلاد عام 69 قبل الميلاد، وبعدها بفترة وجيزة، فتح الرومان سوريا عام 64 قبل الميلاد تحت قيادة قيادة بومبيوس الكبير، ودعيت المنطقة «ولاية سوريا الرومانية»، والتي قسّمت في وقت لاحق إلى ولايات أصغر حجمًا منها الولاية العربية ومركزها بصرى وسوريا السعيدة ومركزها أفاميا. تفاعل السوريون مع الفتح الروماني، واستطاعت العائلة السيفيرية المنحدرة من مدينة حمص أن تخرج خمسة أباطرة لروما خلال سيطرتها على العرش بين عامي 192 و236 وإلى جانب فيليب العربي بين 244 و249.[50][51][52] ويذكر في هذا الإطار أيضًا مملكة حمص والإمبراطورية التدمرية التي تمتعت بحكم ذاتي ثم ثارت على روما وحازت نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا واسعًا خلال عهد الملك أذينة ثم زوجته زنوبيا قبل أن يدمرها الرومان عام 272.[53] ترافقت هذه الأحداث التاريخية مع انتشار المسيحية في البلاد منذ قرنها الأول، كما تدلّ التنقيبات والحفريات الأثريّة، والتي تركت آثارًا على اللغة والأدب والفلسفة، وقد أقرّ مجمع نيقية اعتبار أسقف أنطاكية من متقدمي العالم المسيحي.[54][55][56][57]

برزت سوريا خلال القرنين الرابع والخامس كمعبر تجاري هام قوامه طريق الحرير الذي كان يبدأ في الصين وينتهي قرب أنطاكية،[58] وتطورت اللغة الآرامية واشتقت منها اللغة السريانية التي باتت لغة سوريا اليومية، وبزغت العلوم والآداب متمثلة بالمدراس والجامعات وأبرزها في الرها ونصيبين وحران وغيرهم،[59][60] وشابت القرن السادس اضطهادات طائفية، وانهيار الوضع الاقتصادي بنتيجة زيادة الضرائب واندلاع الحروب بين الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية، التي تمكّن الفرس على إثرها من دخول البلاد فاستطاع كسرى الأول عام 540 أن يحرق حلب وينهب أنطاكية وأفاميا وأعاد كسرى الثاني الكرة عام 613 فدمر دمشق وقتل معظم سكانها، ثم استرد هرقل سوريا بهجوم مضاد على الفرس عام 628.[61][62][63]

الأمويون والعباسيون

المقالة الرئيسة: سوريا الأموية والعباسية

واجهة المسجد الأموي في دمشق والذي شيده الوليد بن عبد الملك.

فتحت أغلب المدن السورية سلمًا عام 636 أيام خلافة عمر بن الخطاب وتحت قيادة أبو عبيدة بن الجراح.[64][65][66] بعد فترة وجيزة من الفتح، كانت سوريا إحدى معاقل الحرب الأهلية الأولى في الإسلام، والتي انتهت عام 661 بتأسيس الدولة الأموية وانتقال عاصمة الخلافة إلى دمشق. استمرّ الأمويون بحكم سوريا 132 عامًا، ازدهرت خلالها البلاد وانتعش اقتصادها وحركتها الفكرية كما تدلل كتابات المؤرخين والآثار المعمارية الباقية.[67][68][69] أما الثورة العباسية عام 749 كانت وبالاً على البلاد لاسيّما دمشق بوصفها عاصمة الدولة السابقة، وفي المقابل برز اهتمام الخلفاء العباسيين خلال أوج قوة الدولة بوادي الفرات والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص،[70][71][72] كما استقرّ بها عدد من الخلفاء والقوّاد والأمراء طلبًا للراحة و«حسن المنظر».[73] توالى على سوريا خلال ضعف الدولة العباسية العديد من السلالات الحاكمة التي أسست دولاً شبه مستقلة في كنف الدولة العباسية، ازدهرت البلاد في عهد بعضها كالحمدانيين، ولعلّ أهمها على الإطلاق كانت الدولة السلجوقية التي تمكنت من إعادة البلاد إلى طاعة الخليفة العباسي بعد أن دخلت في طاعة الخلافة الفاطمية ردحًا من الزمن.[74] مع ضعف السلاجقة، تفككت الدولة إلى إمارات مستقلة، في مختلف المدن والمناطق التي سرعان ما تطاحنت في حروب أهلية، مع إهمال الاقتصاد وتكاثر الكوارث الطبيعية، ذلك لم يمنع البلاد من كونها موئلاً للشعراء، والفلاسفة، والفقهاء، والرحالة، والهجرات. أواخر القرن الحادي عشر تمكنت الحملة الصليبية الأولى من تأسيس ممالك لها في الساحل السوري، وقامت الحملة الصليبية الثانية بحصار دمشق، إلا أنها فشلت في دخولها.[75] وتمكن بعد ذلك، الزنكيون من توحيد شمال البلاد، ثم استطاع صلاح الدين الأيوبي الذي ور ثهم، من توحيد مصر والشام في سلطنة واحدة واستعادة القدس، إلا أن معاركه مع إمارتي أنطاكية وطرابلس اقتصرت على الكر والفر، ليترك للمماليك الذين خلفوا الأيوبيين استكمال السيطرة على الشام بطرد الصليبيين من أنطاكية عام 1268 وطرابلس عام 1285؛[76][77] غير أن دمشق وحلب في الفترة ذاتها قد أحرقتا ودمرتها بنتيجة الغزوات المغولية بقيادة هولاكو، الذين تمكّن المماليك من طردهم بعد معركة عين جالوت، وتلاها بقرن دمارهما مع مدن أخرى لمرة ثانية نتيجة غزوات تيمورلنك عامي 1400-1401، وعمومًا فإن العهد المملوكي تمثل بالإهمال، وانتشار المجاعات والأوبئة، وانهيار الاقتصاد، وكثرة الانقلابات العسكرية، وثورات نواب المماليك في المدن السورية،[78] وانتشار الأمية، حتى انخفض عدد السكان إلى الثلث أيام حكمهم الذي دام نحوًا من ثلاثة قرون؛[79][80] يستثنى من ذلك مدينة دمشق، التي أحاطها المماليك بعناية خاصة واعتبروها «عاصمة ثانية» بعد القاهرة.[81]

سوريا العثمانية

المقالة الرئيسة: سوريا العثمانية

جانب من قصر العظم والذي بني عام 1749 ليكون مقرًا للوالي العثماني، وقد اعتبره فيليب حتي «أروع أثر عربي في القرن الثامن عشر».[82]

امتدت فترة الحكم العثماني على سوريا سحابة أربعة قرون منذ أن سحق السلطان سليم الأول جيش المماليك في معركة مرج دابق شمال حلب يوم 24 أغسطس 1516، ومنها ملك مدن البلاد سلمًا وعلى رأسها دمشق في 26 سبتمبر 1516،[83][84] وحتى انسحاب العثمانيين منها في أعقاب الثورة العربية الكبرى والحرب العالمية الأولى في أكتوبر 1918. في بداية عهدهم، أبقى العثمانيون بلاد الشام ضمن تقسيم إداري واحد، وحتى مع تتالي تعقيد التقسيم الإداري ظلّت الإيالات والولايات تشمل مناطق جغرافيّة هي اليوم بمعظمها تتبع مختلف دول بلاد الشام، أي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، إضافة إلى قسم ضمته تركيا على دفعتين،[85]الزور خلال العهد العثماني- رامي وليد ضللي، صحيفة الفرات، 19 يناير 2011. [وصلة مكسورةنسخة محفوظة 14 أغسطس 2011 على موقع واي باك مشين.</ref> وقد دعيت الولايات الثلاث والمتصرفيات الثلاث في القرن التاسع عشر «الولايات العثمانية السورية».[86]

عرفت دمشق وحلب خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر ازدهارًا اقتصاديًا وسكانيًا، وساهم في ذلك كون قوافل الحج تجتمع في دمشق لتنطلق إلى الحجاز،[87] وأغلب قوافل التجارة البرية نحو الخليج وفارس والعراق تمر من حلب؛[88] استمر الوضع الاقتصادي خلال عهد ولاة آل العظم في القرن الثامن عشر جيدًا، لكن عهد الفوضى والحروب بين الولاة ساد في ذلك الحين، فضلاً عن النزعات الاستقلالية أمثال ظاهر العمر وأحمد باشا الجزار وفخر الدين المعني الثاني؛ ولقرون عديدة لاسيّما في الريف فإن إرهاق الشعب بالضرائب، وهجمات البدو، وانعدام الأمن، وجور أغلب الإقطاع المحليّ، وانتشار الأمية كان أبرز سمات العهد العثماني.[89][90] في عام 1831 دخلت البلاد في حكم محمد علي باشا، وكان حكمه فيها حكمًا إصلاحيًا من نواحي الإدارة والاقتصاد والتعليم، إلا أن سياسة التجنيد الإجباري التي انتهجها أدت إلى تململ السوريين من حكمه، وقيام ثورات شعبية متتالية ضده بين عامي 1833 و1837، وقد استطاع السلطان عبد المجيد الأول بدعم عسكري من روسيا القيصرية وبريطانيا والنمسا استعادة سوريا عام 1840.[91][92]

خلال المرحلة الأخيرة من الحكم العثماني منذ 1840 وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914 ازدهرت البلاد ونمت طاقاتها الاقتصادية بسرعة وعرفت ازدهارًا ثقافيًا وسياسيًا في المدن الكبرى وبعض المدن المتوسطة مثل حمص، مشكلة بذلك أحد أجنحة النهضة العربية، وكان تأسيس المطابع، ودور النشر، والمجلات، والصحف، والمدراس الوطنية والأجنبية، والجامعات، والجمعيات الوطنية السياسية والعلمية أحد أبرز وجوهها؛[93][94] بكل الأحوال، فقد انحصرت مرحلة النهضة بالمدن الكبرى أو المتوسطة ولم تصل إلى الريف الذي ظلّ بأغلبه مهملاً ومسيطرًا عليه من قبل الإقطاع. ورغم زوال الحكم العثماني، لا تزال آثاره المعمارية قائمة في المدن الكبرى خاصة ممثلة بالقصور والحمامات والمساجد والخانات والأسواق، كما أن عددًا من العادات والمفردات اللغوية والمأكولات التركية أصبحت جزءًا من تراث وثقافة الشعب السوري.

المملكة، الانتداب، الجمهورية الأولى

المقالات الرئيسة: المملكة السورية العربية والانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان والثورة السورية الكبرى والجمهورية السورية الأولى

حفل تولي هاشم الأتاسي الرئاسة في مبنى المجلس النيابي، 21 ديسمبر 1936، ويظهر في الصورة ملقيًا خطابه الأول.

أدت النهضة العربية، للمطالبة بإصلاحات إدارية للدولة العثمانية جوبهت غالبًا بالتسويف والرفض من قبل الدولة،[95][96] وهو ما خلق تباعدًا مها، استفحل بعد مجاعة 1915، وسياسة جمال باشا السفاح، وموجات الهجرة إلى العالم الجديد، والتجنيد الإجباري خلال الحرب العالمية الأولى،[97] وهو ما أدى لإنطلاق الثورة العربية الكبرى عام 1916، والتي استطاعت مع فرق من قوات الحلفاء دخول سوريا في آخر سبتمبر 1918.[98][99] في العالم التالي التأم المؤتمر السوري العام، أول برلمان سوري معاصر، وأعلن الاستقلال وقيام المملكة السورية العربية عام 1920، غير أن الحلفاء رفضوا الاعتراف بالكيان الجديد، وقامت فرنسا بحلّه بعد معركة ميسلون في يوليو 1920،[100] لتبدأ مرحلة الانتداب الفرنسي، بصدور مراسيم التقسيم لأراضي المملكة التي أتت تشمل بلاد الشام لعشرة كيانات مستقلة،[101][102] اتحدت خمس منها لتشكيل سوريا الحالية، أولاً عن طريق الاتحاد السوري عام 1922 الذي أعلنته فرنسا لتخفيف من حدة الانتقاد لسياستها، ثم استبدل عام 1925 بالدولة السورية، وهو العام نفسه الذي شهد اندلاع الثورة السورية الكبرى التي استمرت حتى 1927، وفي العام التالي، وكنتيجة غير مباشرة للثورة، جرت انتخابات الجمعية الدستورية التي وضعت دستور الجمهورية عام 1930،[103] وانتخبت عام 1932 محمد علي العابد كأول رئيس للجمهورية. السنوات اللاحقة من النضال ضد الانتداب تشمل الإضراب الستيني، ومعاهدة 1936، ووصول الكتلة الوطنية للحكم برئاسة هاشم الأتاسي،[104] واحتجاجات 1939 بعد فصل لواء إسكندرون،[105][106] واحتجاجات 1941 ضد الأزمة الاقتصادية التي اندلعت خلال حكم بهيج الخطيب أثناء الحرب العالمية الثانية، التي تمكن الحلفاء فيها من السيطرة على سوريا بعد معركة دمشق 1941، وكانت قبلاً تابعة لحكومة فيشي؛[107] وقد أعلن الحلفاء استقلال سوريا، ونظمت انتخابات 1943 التي انتخبت شكري القوتلي رئيسًا. بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، اندلعت انتفاضة الاستقلال، التي أفضت لنيل البلاد استقلالها الكامل عام 1946.[108][109]

أدت الهزيمة في حرب 1948، واحتجاجات 1948، لأزمة في النظام السياسي المستقل حديثًا، افتتحت سلسلة انقلابات عسكرية بدءًا من انقلاب حسني الزعيم،[110] وبعده بثلاث أشهر انقلاب سامي الحناوي، ثم انقلاب الشيشكلي الأول بعد التحضير للاندماج مع المملكة العراقية ضمن مشروع وحدة الهلال الخصيب، وفي عام 1950 كتب دستور جديد دعي «دستور الاستقلال»، وأفضى انقلاب الشيشكلي الثاني عام 1951 إلى تسلّمه السلطة منفردًا حتى خلع بنتيجة احتجاجات 1953، وانقلاب 1954.[111] تعرف الفترة اللاحقة الممتدة حتى 1958، باسم ربيع الديمقراطية، والتي تميزت بسوء العلاقات مع تركيا، وتصاعد النفوذ الناصري الذي وصل ذورته بإعلان الجمهورية العربية المتحدة مع مصر عام 1958 بضغط من ضباط الجيش، وهو نفسه وبنتيجة «أخطاء الوحدة» أعلن فك الارتباط معها بانقلاب عام 1961؛ بعدالانفصال نظمت انتخابات 1961 وانتخب ناظم القدسي رئيسًا.[112]

الجمهورية الثانية

بالانقلاب 1963 قامت فرق بعثية في الجيش بالانقلاب على الحكم في 8 مارس، وهو ما أدى إلى إلغاء الدستور، وحل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ونفي غالب الطبقة السياسية إلى خارج البلاد، فضلاً عن إعلان حال الطوارئ. السنوات اللاحقة تميزت بالصراع داخل أجنحة البعث المختلفة، ما أدى إلى انقلابين آخرين الأول هو انقلاب 1966 والثاني هو الحركة التصحيحية عام 1970 والتي أوصلت وزير الدفاع حافظ الأسد إلى السلطة، وتخلل الانقلابين خسارة الجولان خلال حرب 1967، وقد أفضت حرب 1973 إلى استعادة أجزاءٍ منه أهمها القنيطرة.[113] عام 1973 أقرّ دستور جديد للبلاد، كرّس نظام الحزب الواحد باعتبار البعث «قائدًا للدولة والمجتمع»، وفي عام 1975 تدخلت سوريا عسكريًا في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية واستمرت بالتواجد حتى 2005. عام 1979 اندلعت انتفاضة بقيادة الإخوان المسلمين تطورت إلى مواجهات عسكرية انتهت عام 1982 بما يعرف بمجزة حماة الكبرى؛ كما عانت البلاد في أزمة اقتصادية وكساد في الأسواق بين 1985 - 1990. عام 1991، شاركت سوريا في مؤتمر مدريد الذي قبلت به بالسلام مع إسرائيل مقابل إعادة الجولان، كذلك أخذت تتجه تدريجيًا نحو التخلّي عن المبادئ الاشتراكية باتجاه السوق المفتوحة، لاسيّما بعد تولي بشار الأسد لرئاسة الجمهورية عام 2000، خلفًا لوالده بتعديل دستوري. بكل الأحوال، باستثناء المرحلة القصيرة المعروفة باسم «ربيع دمشق» فعلى مستوى الحريات السياسية والإعلامية ونشاط الأحزاب والمجتمع المدني وحقوق الإنسان وتسلّط أجهزة الأمن، فلم تطرأ تغييرات تذكر على نظام الحزب الواحد.

الحرب الأهلية السورية

المقالات الرئيسة: الحرب الأهلية السورية والخط الزمني للحرب الأهلية السورية والطائفية والعرقية في الحرب الأهلية السورية وقائمة الجماعات المسلحة في الحرب الأهلية السورية

متظاهرون في ساحة العاصي بمدينة حماة، للمطالبة بإسقاط النظام. يوليو عام 2011.

في مارس 2011 اندلعت احتجاجات ضد الحكم القائم كجزء من الربيع العربي، وسرعان ما توسعت أفقيًا وعموديًا لتشمل معظم محافظات البلاد،[114] ردّت عليها السلطة بالقمع وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وقد اتهمت المنظمات الدولية قوى الأمن والجيش السوري بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء الانتفاضة،[115] وقد أدى استياء قوى المعارضة من السلطة إلى نشوء حركات مسلحة من منشقين عن الجيش النظامي ومتطوعين مدنيين، مثل الجيش السوري الحر، وبنتيجتها تعسكرت الاحتجاجات، وتحولت إلى حرب مدن، ومعارك تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة، وبمشاركة مقاتلين وجيوش أجنبية - مثل تركيا وحزب الله، في حين أقرت الحكومة سلسلة إصلاحات من طرفها مثل دستور 2012 الذي ألغى نظريًا «قيادة البعث للدولة والمجتمع».[116][117] وفي ظل فشل المحاولات الدبلوماسية لحلها،[118][119] وعدم تحقيق حسم عسكري، أفضت الأزمة منذ اندلاعها، إلى دمار واسع في البنية التحتية لعدد وافر من المدن السورية، وبروز أزمة اللاجئين السوريين في الداخل وفي الخارج، وإتلاف مواقع أثرية، وشبه انهيار في الاقتصاد، سوى الأعداد المرتفعة باستمرار للقتلى، والجرحى، والمعاقين، والمعتقلين، والمخطوفين، والمختفين.[120][121][122] ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل ومصرع 210060 شخصاً، منذ انطلاقة الازمة السورية في الـ 18 من شهر آذار /مارس عام 2011، تاريخ سقوط أول قتيل في محافظة درعا، حتى تاريخ 05/2/2015 وقد توزعوا على الشكل التالي: الشهداء المدنيون:100973، بينهم 10664 طفلاً، و6783 أنثى فوق سن الثامنة عشر، و35827 من مقاتلي الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية، قتلى المنشقين المقاتلين: 2498.[123]

الجغرافيا

الموقع والتضاريس

المقالة الرئيسة: جغرافيا سوريا

صورة فضائية لأهم التضاريس السوريّة.

تقع سوريا في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا؛ تطل سوريا على البحر الأبيض المتوسط ويبلغ طول الشريط الساحلي 193 كم،[124] أما مجموع الحدود العام يبلغ 2253 كم وهو موزع بين تركيا في الشمال والعراق في الشرق والجنوب، والأردن في الجنوب، أما من ناحية الغرب فإلى جانب البحر الأبيض المتوسط يحد سوريا كل من لبنان وإسرائيل؛ بين خطي عرض 32 – 37.5 شمال خط الاستواء، وبين خطي طول 35.5 – 42 شرق غرينتش، وتبلغ مساحتها 185000 كم2.

صورة فضائية تظهر فيها سوريا من مهمة ناسا رقم STS062

تضاريس البلاد متنوّعة: في الجنوب تقع هضبة الجولان البركانيّة وسهل حوران الخصيب يليه جبل العرب المكوّن أساسًا من الصخور البازلتية؛ نحو الشمال يوجد سلسلة جبال لبنان الغربية على الحدود مع لبنان والتي تحوي أعلى نقطة في البلاد وهي جبل الشيخ أو حرمون، وتنبسط منها سهول خصيبة تشكل غوطة دمشق، قبل أن تتحول إلى أراض جبلية جرديّة قاحلة في سلسلة جبال القلمون والنبك إلى شمال ريف دمشق؛[125] قبل أن تنبسط مجددًا في سهل الغاب وسهول الساحل السوري، الذي تقسمه طوليًا سلسلة جبال الساحل الممتدة من الحدود التركيّة وحتى لبنان،[126] ويعدّ جبل الزاوية رديفًا له. في أقصى الشمال السوري، تتموضع حلب القائمة على هضبة محيطة بسهول خصيبة مع بعض الجبال مثل جبل سمعان؛[127] وتلتقي مع وادي الفرات ذي التربة الخصبة الممتد حتى الحدود العراقيّة؛ ويقع في أقصى الشمال الشرقي منطقة الجزيرة، التي اكتسبت اسمها من لكثرة الأنهار المتواجدة فيها، والتي تعتبر أيضًا من أخصب مناطق البلاد. بين وادي الفرات وسهل الغاب تتواجد بادية الشام، الرملية والقاحلة، تتخللها بضع جبال مثل سلسلة الجبال التدمرية.[128][129] في سوريا جزيرة واحدة مقابل طرطوس هي جزيرة أرواد، وعدد من الأودية مثل وادي النصارى ووادي بردى.

 العراق تركيا

(مجموع طول الحدود 822 كم)

البحر الابيض المتوسط

(مجموع طول الساحل 193 كم)

 العراق

(مجموع طول الحدود 599 كم)

 لبنان

(مجموع طول الحدود 375 كم)

   سوريا  

 العراق الأردن

(مجموع طول الحدود 375 كم)

 إسرائيل

(مجموع طول الحدود 76 كم)

الحدود

المقالات الرئيسة: بلاد الشام وهلال خصيب

خارطة سايكس بيكو التي قسمت الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا عام 1916، كشفت عام 1917.

هناك اتفاق بين غالبية الباحثين أنّ لفظ سوريا كان يشمل حتى القرن العشرين مساحة أوسع مما هي عليه اليوم؛ ويشار إليها حاليًا بمصطلحات مثل «سوريا الجغرافية» أو «سوريا الكبرى» أو «سوريا الطبيعية»، وهي تشمل بلاد الشام أو الهلال الخصيب.[130] في عام 1920 نصّت معاهدة سيفر بين تركيا وفرنسا على اعتبار أراضي شمال سكة حديد إسطنبول - بغداد، تابعة لتركيا، وهي منطقة مؤلفة من أكراد وسريان وأرمن وعرب، وذات صلة اجتماعية واقتصادية بحلب.[131] عام 1937 فصل الانتداب لواء إسكندرون ومنحه حكمًا مستقلاً، ثم ضمّته تركيا عام 1939 بحجة كون سكانه من الأتراك رغم أنّ نسبتهم فيه لا تتجاوز 40%.[132] في سبتمبر 1920 فصلت الأقضية الأربعة وأهمها بعلبك والبقاع عن دمشق، وألحقت بمتصرفية جبل لبنان ذات الحكم الذاتي منذ 1860 لتشكيل دولة لبنان الكبير.[133] في العام ذاته، فصل تحقيقًا لاتفاقية سايكس بيكو ما كان يعرف باسم «سوريا الجنوبية» ومنح لبريطانيا التي أقامت فيه إمارة شرق الأردن، إرضاءً للهاشميين بعد أن خسر الملك فيصل حكم دمشق.[134] أخيرًا فإنه بعد الهزيمة في حرب 1967 احتلت إسرائيل الجولان. خلال القرن المنصرم، طرحت محاولات عديدة للتوحيد أبرزها مشروع الملك عبد الله الأول عن سوريا الكبرى عام 1947، ومشروع حزب الشعب للوحدة مع العراق عام 1950.[135]

المناخ

تل الغرام، مغطى بالثلوج في الجولان.

خريطة سوريا المناخية

المناخ في سوريا يصنف في شعبتين كبيرتين هما مناخ متوسطي في المنطقة الساحلية والمناطق القريبة منها، وجاف في سائر المناطق.[136] المناخ المتوسطي يتميز بصيف حار وجاف وشتاء بارد وماطر مع وجود فصلين انتقاليين هما الخريف والربيع، أما المناخ الجاف فهو قليل الأمطار قارس البرودة في الشتاء حيث تنخفض درجات الحرارة ما دون الصفر المئوي وشديد الحرارة في الصيف، أما في المناطق الجبلية والمرتفعات تسود درجات حرارة معتدلة صيفًا بحكم الموقع المرتفع.[137] هطول الأمطار عادةً ما يكون بين سبتمبر ومايو من كل عام؛ وتسقط الثلوج على المرتفعات الغربية ويبلغ الهطول حده الأقصى عادةً في شهر يناير، ويتصف بعدم التجانس في توزيع المطر بين الساحل والداخل، وكذلك باختلاف معدلات الهطل المطري السنوي على الأراضي، ويمكن التمييز بين ثلاث مناطق: المناطق ساحلية ذات هطل مطري مرتفع، يصل إلى حوالى 1200 مم/سنة؛ ومناطق داخلية مجاورة للمنطقة الساحلية، يتضاءل فيها الهطل ليصل إلى حوالى 250 مم/سنة، ويرتفع إلى 550 مم/السنة في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية؛ ومناطق البادية وهي تشكل حوالى 60 % من مساحة البلاد، حيث لا يتجاوز معدل الهطل فيها 150 مم/سنة. بخصوص الرطوبة، فيتصف الجو في جميع أنحاء سوريا عدا المناطق الساحلية بارتفاع في معدل الرطوبة النسبية خلال فصل الشتاء وانخفاضها في فصل الصيف؛ أما بالنسبة للمنطقة الساحلية فهي ذات رطوبة نسبية مرتفعة خلال فصل الصيف بسبب تأثير البحر؛ وتكون المناطق الصحراوية والنصف صحراوية هي أقل المناطق رطوبة؛ ويبلغ معدل الرطوبة خلال فصل الصيف من 20-50% في المناطق الداخلية ومن 70-80% في المناطق الساحلية، أما في فصل الشتاء فيتراوح المعدل بين 60-80% في المناطق الداخلية وبين 60-70% في المناطق الساحلية.[138] أما الرياح، فهي معتدلة، باستثناء هبوب رياح البادية على دمشق ومناطق وادي الفرات في فصل الصيف.

المياه

المقالة الرئيسة: أنهار سوريا

نهر الفرات عند البوكمال.

سوريا غنية بالموارد المائية، سواءً أكانت أنهارًا أم بحيرات أم ينابيع جوفية. أكبر الأنهار المارة في سوريا هو نهر الفرات، الذي يدخل سوريا من تركيا ويجتاز منطقتها الشرقيّة باتجاه العراق ويبلغ طول مجراه في أراضي الجمهورية 675 كم،[139] يضاف إليه عدد من الروافد الأساسية أبرزها نهر البليخ بطول 460 كم ونهر الخابور.[140] كما يمر في سوريا نهر دجلة بطول 50 كم في أقصى الشمال الشرقي محاذيًا الحدود العراقية.[140] ثالث الأنهار السورية من حيث الطول هو نهر العاصي الذي يدخل سوريا من لبنان بطول 325 كم ويشكل العصب الرئيسي للمناطق الزراعية في سهل الغاب؛[140] كما تتميز المنطقة الساحلية بالأنهار الجبلية القصيرة أبرزها نهر السن ونهر الكبير الشمالي،[140] كما يوجد نهر بردى الذي ينبع من سلسلة جبال لبنان الشرقية مارًا بدمشق وغوطتها قبل أن يصب في بحيرة العتيبة في البادية، ويشكل المحفظة المائية لمدينة دمشق وريفها. أما الجنوب فأهمّ أنهاره نهر اليرموك الذي يتابع طريقه غربًا ملتقيًا بنهر الأردن قبل أن يصب بالبحر الميت. أقامت الدولة، عددًا وافرًا من السدود على مختلف الأنهار المارة في البلاد، أهمها سد الفرات الذي يشكل من خلفه بحيرة صناعية بطاقة 14.1 مليار متر مكعب من المياه؛[141] ومن السدود الهامة الأخرى، سد الرستن على نهر العاصي، وسد 16 تشرين على النهرالكبير الشمالي.[142]

صورة من عمق غابة البطار في محافظة طرطوس.

تحوي سوريا عددًا من البحيرات الطبيعية والاصطناعية المتشكلة خلف السدود أكبرها بحيرة الأسد، والبحيرات السبع قرب اللاذقية، وبحيرة 17 نيسان على نهر عفرين وبحيرة الرستن على نهر العاصي التي أنشئت عام 1960؛ أما البحيرات الطبيعية في سوريا أبرزها بحيرة قطينة قرب حمص وبحيرة زرزر قرب الزبداني، وبحيرة مسعدة في الجولان التي تتميز بمياهها الكبريتية.[143][144]

الغطاء النباتي والحيواني

المقالات الرئيسة: الحياة البرية في الشام والغابات السورية

الغطاء النباتي في سوريا متنوع في المناطق الوسطى والغربية ويناقض ذلك في مناطق بادية الشام وعموم المنطقة الشرقية. تحوي سوريا على ثلاثين محمية طبيعية؛ وتعتبر محافظة اللاذقية أغنى المحافظات السورية من حيث الغابات والغطاء النباتي بنسبة 31% من مجموع غابات الجمهورية تليها منطقة سهل الغاب بحوالي 12%.[145] ويعيش في سوريا حوالي 3500 نوع من النباتات والأشجار فيها.[136] أما عن الغطاء الحيواني فهو بدوره متنوع غير أن بضع حيوانات كانت تعيش في سوريا كالفيل السوري أو الفهد قد انقرضت تمامًا،[146] ويلعب التصحر دورًا مهمًا في القضاء على التنوع النباتي والحيواني في سوريا،[147] ويهدد 18% من مجمل المساحة العامة.[148] وتسعى الحكومة السورية لمكافحة التصحر من خلال خطط خاصة توضع لذلك.[149]

السكان

المقالات الرئيسة: سوريون وسكان سوريا والسوريون في الخارج وتجمعات سوريا السكانية

بلغ عدد سكان سوريا حسب تقديرات الأمم المتحدة عام 2017، في مطلع شهر تموز حوالي 18,270 مليون نسمة[150] بمعدل نمو سكاني سالب بلغ -2.30% في حين قدرت نسبة الولادات بحوالي 18.9 مولود لكل ألف نسمة مقابل 5.4 مولود من الوفيات لكل ألف نسمة أيضًا؛ ويقيم حوالي 56.1% من مجموع السكان في المدن.[3] وتعتبر مدينة حلب أكبر المدن السوريّة، بينما تتميز دمشق الكبرى بأكبر تجمع سكاني، ويقطن في المنطقتين 44% من مجموع الشعب.[151][152] ولقد ارتفع عدد السكان من 4.5 مليون نسمة عام 1960 إلى 23.5 مليون نسمة (حسب تقديرات سنة 2010)، بسبب تحسن مستوى المعيشة والحالة الصحية، بينما انخفض معدل الخصوبة من 7 أطفال للمرأة الواحدة في المتوسط خلال منتصف القرن العشرين إلى 3 أطفال حاليًا، مع بقاء هذا الرقم فوق المتوسط العالمي المحدد بأنه 2.1 طفل للمرأة؛ وكانت هذه الزيادة السكانية المتسارعة تؤثر سلبًا على الاقتصاد والتنمية.[153] إلى جانب المدن التي يفوق عدد سكانها المليونين وهما دمشق وحلب، فإن المدن التي فاق عدد سكانها المليون أو شارفت على ذلك هي حمص، وحماة، واللاذقية؛ أما بقية السكان فيعيشون في المدن الصغيرة، والريف إلى جانب وجود مجموعات قليلة من البدو في بادية الشام.[154] تعاني البلاد من تضخم المدن الكبرى كدمشق وحلب مدعومة بالهجرة من الريف إلى المدينة، وهو ما يؤثر سلبًا على التنمية؛[155] وبشكل عام فإنّ الكثافة السكانيّة تعتبر عالية في المنطقة الساحلية وسهل الغاب وجبل الزاوية، والعاصمة دمشق وريفها ومدينة حلب، وتقلّ في الجزيرة ووادي الفرات، وتنعدم تقريبًا في بادية الشام.

منذ القرن التاسع عشر، ازدهرت الهجرة من سوريا نحو العالم الجديد، خصوصًا أمريكا اللاتينية، ويقدر العدد التقريبي لذوي الأصول السورية بنحو 12 - 15 مليون نسمة،[156] ومع امتلاكهم حق الحصول على الجنسية السورية فإن معظمهم غير حاصل عليها، وفي الفترة الراهنة تزدهر الهجرة نحو منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ذات التأثير الديموغرافي الأقل على البلاد بسبب القرب الجغرافي من جهة، وعدم التجنيس في دول المهجر من جهة ثانية.[157] لقد كانت سوريا منذ العصور القديمة موئلاً لهجرات عديدة، أو توطين بديل مثل هجرة الشركس في القرن التاسع عشر، أو فرق عسكرية وتجار استقرت نهائيًا في البلاد مثل التركمان، والأرناؤوط، وأحدث الهجرات هي هجرة بعض العشائر من نجد إلى وادي الفرات أواخر القرن السابع عشر،[158] والهجرة الأرمنية خلال الحرب العالمية الأولى،[159][160] وهجرة فلسطيني سوريا في أعقاب حربي 1948، و1967،[161] والهجرة من الجولان بعد حرب 1967 أيضًا، والهجرة العراقية بعد غزو 2003.[162][163]

المدن الكبرى في سوريا

دمشق

حلب

المرتبةالمدينةعدد السكانالمرتبةالمدينةعدد السكان

حمص

حماة

1حلب2,985,0002دمشق1,414,9133حمص1,267,0004حماة854,0005اللاذقية650,5006دير الزور515,0005اللاذقية650,5006السويداء550,0007دوما118,0008الرقة220,5009سلمية103,00010الحسكة82,00011القامشلي88,00012درعا75,00013الباب145,00014إدلب124,00015طرطوس118,00016السفيرة107,00017جبلة80,00018عفرين50,00019داريا76,00020البوكمال64,000التعداد الرسمي لعام 2004

المجموعات الدينية والعرقية

المقالات الرئيسة: أديان سوريا وعرقيات سوريا

مكونات الشعب السوري[164]المكونالنسبة المئويةعرب سنّة  63%عرب علويون  12%مسيحيون  10%أكراد سنة  9%عرب دروز  3%عرب إسماعيليون  1%أقليات أخرى  2%

يتكون الشعب السوري من سبعة عرقيات مختلفة، وتسعة طوائف باعتبار الكنائس المسيحية طائفة واحدة، و19 طائفة باعتبار الكنائس المسيحية طوائف منفصلة. ينصّ الدستور على المساواة في الحقوق والواجبات بين كافة السوريين. على مستوى الدين، فإنّ الإسلام وفق مذاهب أهل السنة والجماعة لاسيّما المذهب الحنفي هو الأكثر انتشارًا بين السوريين بحوالي 74%، وينصّ الدستور على أنه الدين الرئيس للدولة ويعدّ الفقه الحنفي مصدرًا رئيسيًا للتشريع فيها، ويضمن الدستور لمختلف الطوائف الأخرى قوانينها الخاصة في الأحوال الشخصية، كما يكفل الحرية الدينية وإن كانت مقيدة من بعض الجوانب حسب تقرير «الحرية الدينية في العالم»،[165][166][167] وتشرف الدولة على القطاع الديني الإسلامي من خلال وزارة الأوقاف، أما المؤسسات المسيحية فهي مستقلة. وعلى مستوى المجموعات العرقية، فإنه وبعد الاستعراب غدا عرب سوريا العماد الأساسي للسكان في البلاد بحوالي 86%. وتتميز سوريا بارتفاع نسب «الأقليات» في مناطق معينة وتشكيلهم الغالبية فيها، مثل الساحل السوري ووادي العاصي الغربي ذي الغالبية العلوية، والجزيرة السورية ذات الغالبية الكردية - السريانية، وجبل العرب ذي الغالبية الدرزية.[168]

اللغة

المقالة الرئيسة: لغات سوريا

قبل الاستعراب وحتى القرن الحادي عشر أو القرن الثاني عشر بالنسبة لأغلب الريف السوري كانت اللغة السريانية، لغة التخاطب اليومي في البلاد وهي اللغة التي يعدّها البحاثة لغة المنطقة القوميّة. مع انتشار اللغة العربية كلغة تخاطب، نشأت اللهجة السورية، والتي اقتبست إن من ناحية المفردات أو من ناحية اللحن لاسيّما في الجزيرة من اللغة السريانية بشكل وافر مع تأثيرات تركية وفرنسية محدودة لاحقة،[169] وتقسم اللهجة السورية إلى عدة فروع متمايزة من ناحية نطق بعض مخارج الحروف؛ مع وجود للهجة النجدية بين البدو. المجموعات العرقية تستخدم لغاتها الأم إلى جانب اللهجة السورية، كاللغة الكردية والسريانية والأرمنية والشركسية والتركية في معاملاتها اليومية،[170][171] والآرامية في معلولا.[172] على الصعيد الرسمي فإنّ العربية لغة الدولة الرسمية،[170] وتفرض المناهج الدراسية تعلّم اللغتين الإنكليزية والفرنسية، وتعتبر سوريا من البلاد القليلة التي انتدبت من قبل فرنسا ولم ترسخ فيها اللغة الفرنسية، بسبب سياسة الحكومات لاسيّما بعد 1963. وللمجموعات الناطقة بغير العربية حق تأسيس مدارس أو وسائل إعلام بلغاتها الخاصة، وذلك بعد الكف عن سياسة الاستعراب والتعريب.

السياسة

نظام الحكم

المقالة الرئيسة: سياسة سوريا

صدر الدستور السوري المعمول به حاليًا في 27 فبراير 2012 ويتمتع فيه رئيس الجمهورية بصلاحيات تنفيذية وإجرائية واسعة يساعده في أدائها مجلس الوزراء المعين من قبله، في حين يتولى مجلس الشعب المكون من 250 عضوًا منتخبين لدورة أربع سنوات على أساس دائرة انتخابية هي المحافظة، مهام السلطة التشريعية، كما يقوم بالرقابة على عمل الحكومة وإقرار موازنة الدولة العامة والتصديق على المعاهدات؛ بيد أن لرئيس الجمهورية إصدار التشريعات التي تعامل معاملة القانون وذلك خارج أوقات انعقاد مجلس الشعب على أن يكون من حق هذا الأخير مراجعتها في أولى جلساته، وتتولى المحكمة الدستورية العليا الرقابة على مجمل العملية التشريعية في البلاد ولها محاكمة الرئيس، وتعين من قبله. رئيس الجمهورية ينتخب لمدة سبع سنوات، من قبل الشعب.[173]

الحزب الحاكم في سوريا هو حزب البعث العربي الاشتراكي ويشكل مع ثمانية أحزاب أخرى جميعها يساريّة، ائتلافاً يدعى الجبهة الوطنية التقدمية ولها ثلثا مقاعد البرلمان،[174] كان النظام السياسي مناطًا بحزب البعث الذي اعتبره دستور 1973 «القائد للدولة والمجتمع» لكن دستور 2012 عاد وفتح المجال أمام التعددية السياسيّة في البلاد. حسب منظمة هيومان رايتس ووتش فإن سوريا تحتل المركز 154 دوليًا من حيث احترام حقوق الإنسان، يعود ذلك إلى تقييد إنشاء الأحزاب والرقابة على المنشورات السياسية والإنترنت ومختلف وسائل الاتصال، فضلاً عن وجود عقوبة الإعدام ووضع السجون المتردي، ووجود عمليات تعذيب، وسواها من انتهاكات حقوق الإنسان.[175]

التقسيمات الإدارية

المقالة الرئيسة: التقسيمات الإدارية في سوريا

المحافظات والمناطق(*) حسب نشوئها التاريخي:  دمشق  حلب  دير الزور  اللاذقية  حمص  حماه  درعا  الحسكة  السويداء  الرقة  إدلب  ريف دمشق  القنيطرة  طرطوس* الحدود الزرقاء داخل المحافظات هي حدود مناطق المحافظة.

لكون سوريا دولة مركزية الحكم، فإن السلطات المحلية في المحافظات يقتصر دورها على تنفيذ قررات الحكومة وتوجيهاتها، وممارسة الرقابة الذاتية على هذا التنفيذ، وإدارة بعض الخدمات العامة كالنظافة، وإدارة الحدائق، وووضع المخططات التنظمية للمدن في المحافظة. تتألف البلاد من 14 محافظة، يعيّن كل محافظ من قبل رئيس الجمهورية، وتقسم المحافظات إلى 60 منطقة، وتقسم المناطق بدورها إلى 280 ناحية.[176] إلى جانب المحافظ ينتخب في كل محافظة مجلس محافظة، وفي كل مدينة مجلس مدينة تنظّم شؤونه واختصاصاته عبر قانون الإدارة المحلية الذي صدرت آخر نسخه عام 2011.[177] النشوء التاريخي للمحافظات السورية الأربعة عشر الحالية، والحدود الفاصلة بينها، يمتد من مرحلة سوريا العثمانية وحتى 1972، حين استحدثت محافظة طرطوس، لتكون أحدث المحافظات السورية عمرًا.

العلاقات الخارجية

تلعب سوريا دورًا هامًا في السياسة الإقليمية للعالم العربي، لاسيّما دول الجوار. عبارة «لا حرب بدون مصر، ولا سلام بدون سوريا»، توضح دور البلاد في الصراع العربي الإسرائيلي، ومنذ مؤتمر مدريد عام 1991، تعترف سوريا بأن حل الصراع قائم على وجود دولتين في أرض فلسطين على حدود 1967، ومع استعادة الجولان.[178][179] وبكل الأحوال، فإن المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، والمنقطعة زمنيًا، توقفت عام 2008 دون أن تفضي إلى نتيجة. حسب الدستور، فإن سوريا تعمل لتحقيق التعاون بين الدول العربية في المجالات كافة، وصولاً لتحقيق «الوحدة العربية».[ب] بعد سيطرة حزب البعث على السلطة عام 1963، أقام تحالفًا إستراتيجيًا مع روسيا، ومع إيران منذ قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979،[180] وفي المقابل فإن «مجموعة أصدقاء سوريا»، التي تضم دولاً مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، والمملكة العربية السعودية، تقدم دعمًا دبلوماسيًا وماديًا للمعارضة منذ اندلاع الأزمة.

خارج الأزمة الحالية، فإن لسوريا علاقات وثيقة مع العراق، ولبنان، وتركيا، لاسيّما منطاقها الجنوبية، وبعض الحركات الفلسطينية؛ وعلى صعيد المنظمات الدولية، فالبلاد عضو مؤسس في الأمم المتحدة وانتخبت مرتين كعضو في مجلس الأمن الدولي كما أنها عضو مؤسس في جامعة الدول العربية وعضو مؤسس في منظمة المؤتمر الإسلامي؛ وعضو في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا والبنك الدولي للإنشاء والتعمير والوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنظمة الدولية للطيران المدني ومنظمة الأغذية والزراعة ومجموعة الأربع وعشرون ومجموعة سبعة وسبعون وحركة عدم الانحياز والمنظمات المنبثقة من جامعة الدول العربية مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ومنطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، وغيرهم.



0 comments

Loading...

Next up

Gamejolt, why did you make this?why would I follow a creator that I don't see interesting and don't care about?

I don’t know what to put here but Funne

Handwriting

Cupcake

Fuck you soder.